فضل الذكر
محتوى الموضوع
- غراس الجنة
- العطاء والفضل الذى رُتِّب على الذكر لم يُرتَّب على غيره من الأعمال.
- دوام ذكر الله تبارك وتعالى يُسيِّر العبد وهو جالس إلى منازل المُقرَّبين، وإلى الغرف العالية، وإلى مرضاة الرب سبحانه وتعالى.
- دوام ذكر الله تبارك وتعالى يُوجب الأمان من نسيان الله للعبد
بسم الله، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيرا.
أمَّا بعد: فإن ذكر الله عز وجل هو عبادة من أيسر العبادات، وتكون عن
طريق التلفظ (تحريك اللسان) بذكر الله عز وجل من بتسبيحه وتهليله وتكبيره وحمده ودعاءه
......، وحركة اللسان هى أيسر الحركات وأسهلها، ولو تحرك عضوٌ من الإنسان فى اليوم
والليلة بقدر حركة لسانه لشقّ عليه غاية المشقة، بل لا يمكنه ذلك،
ولكن الله تعالى جعل حركة اللسان ميسرةً، ورتَّب على عبادة الذكر من الخير ما لا
يُرتبه على غيره.
وذكر الله عز وجل عبادة من أجل العبادات وأفضلها، وفوائده كثيرة
وعظيمة، ومن أعظمها أن الله عز وجل يجزل عليه العطاء تيسيراً على العبد، فمع فضل
الذكر يسَّر الحركة فى آنٍ واحدٍ، وهذا من لطف الله ورحمته وإحسان، لذا
ينبغى أن نستثمر هذه النعمة بإشغال ألسنتنا بذكر الله فى جميع الفرص، ولا سيَّما الأذكار
الواردة الشرعية، وينبغى على المؤمن أن يعتنى بها، وأن يشغل لسانَه بها، وأن
يحفظها في أوقاتها.
فوائد الذكر
غراس الجنة
روى الترمذى فى "جامعه" من حديث عبدالله بن مسعود قال: قال رسولُ الله ﷺ: لقيتُ ليلة أُسرى بى إبراهيم الخليل عليه السلام، فقال: يا محمد، أقرئ أمتك منى السلام، وأخبرهم أنَّ الجنة طيبة التربة، عذبة الماء، وأنها قِيعان، وأنَّ غراسها: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، قال الترمذى: حديث حسن غريب من حديث ابن مسعودٍ.
وقد روى إبن ماجه عن أبى هريرة أن رسولُ الله ﷺ مر عليه وهو يغرس غرساً فقال ألا أدلك على غراس خير من هذا سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، يغرس لك بكل واحدة شجرة فى الجنة.
كما روى الترمذى من حديث أبى الزبير، عن جابر، عن النبي ﷺ قال: مَن قال: سبحان الله وبحمده غُرست له نخلة فى الجنة، قال الترمذى: حديث حسن صحيح.
فالجنة موجودة وفيها من النعيم ما فيها من "قصور، بساتين، قيعان،
أشجار، ويغرس (يزرع) فيها كما ورد فى الحديث، ويُبنى أيضاً فيها، ولهذا قال ﷺ: مَن
بنى لله مسجدًا بنى الله له بيتًا في الجنة، وجاءت النصوص فى ذكر ثواب بعض الأعمال
فى الجنة، لتدلَّ على أنها مع كونها عظيمةً وفيها من الخير العظيم ما فيها، إلا
أنها ترتبط بأعمال العباد، فالمقصود أن الأعمال الصالحة هى سبب زيادة
النعيم فى الجنة. ومن أعظم أسباب زيادة النعيم للعبد: كثرة الذكر مع كثرة العبادات
الأخرى (الصلاة، الصيام، صلة الأرحام، بر الوالدين، الصدقات، بناء المساجد،
والجهاد فى سبيل الله، إلى غير ذلك)، ومن نعيم الجنة "الزروع" غراس
الجنة، ولهذا فى هذا الخبر أن النبى ﷺ لما التقى إبراهيم الخليل عليه السلام قال له: أخبر أمتك أن الجنة قيعان، وأن غراسها: سبحان الله، والحمد
لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، والحديث الآخر: مَن قال: سبحان الله وبحمده،
غُرست له نخلة فى الجنة.
ويقول ﷺ: لأن أقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر؛ أحبّ إلىَّ مما طلعت عليه الشمس أخرجه مسلم فى "الصحيح".
ويقول ﷺ: أحب الكلام إلى الله أربع: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر أخرجه مسلم فى "الصحيح" أيضًا
يمكنك المشاركة فى قناتى على اليوتيوب من هنا
تحميل فيديو عن فضل الدعاء بالضغط هنا
العطاء والفضل الذى رُتِّب على الذكر لم يُرتَّب على غيره من الأعمال.
أربعة أجور إذا قال هذا الذكر مئة مرة.
- الفائدة الأولى: أنه يُعطى عدل عشر رقابٍ يُعتقها.
- الثانية: يُكتب له مئة حسنةٍ.
- الثالثة: يُمحا عنه مئة سيئةٍ.
- الرابعة: تكون حرزًا له ذلك اليوم من الشيطان حتى يُمسي.
ولمْ يأتِ أحدٌ يومَ القِيامةِ بأفْضلَ
مِمَّا جاء به، إلَّا أحَدٌ قال مِثلَ ذلِكَ، وزادَ عليْهِ.
وما ذلك إلا لأنَّ هذا الذكر يُقر فى القلب تعظيم الله، والأنس به،
والشوق إليه، والمسارعة إلى طاعته، والتَّحدث بنِعَمِه، والوقوف عند حدوده، والحذر
من معاصيه، كلَّما أكثر من ذكر الله صار ذلك أقرب إلى صلاح قلبه، وسلامة قلبه
وطهارته، فينبغى للمؤمن أن يُكثر من هذا الذكر.
وحديث أبى أيوب فى "الصحيحين": مَن قال: لا إله إلا الله
وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيءٍ قدير عشر مرات، كان كمَن
أعتق أربعة أنفسٍ من ولد إسماعيل، فينبغى للمؤمن الإكثار من ذكر الله: فى طريقه،
فى بيته، على فراشه، فى أى مكانٍ.
أمَّا حديث السوق (مَن دخل السوق فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك
له، له الملك وله الحمد، يُحيى ويُميت، وهو حى لا يموت، بيده الخير، وهو على كلِّ
شيءٍ قدير، كتب الله له ألفَ ألف حسنة، ومحا عنه ألفَ ألف سيئة، ورفع له ألف ألف
درجة) هذا الحديث ضعيف، لم يثبت عن النبى ﷺ، لكن ذكر الله عز وجل فى الأسواق فيه
فضل عظيم عند غفلة الناس، فأن يذكر الله والناس فى غفلة يكون فيه خير عظيم، فينبغى
للمؤمن الإكثار من ذكر الله: فى السوق، فى البيت، على الفراش، فى المسجد، فى أى
مكانٍ.
وفي الترمذى من حديث أنسٍ: أن رسول الله ﷺ قال: مَن قال حين يُصبح أو
يُمسى: اللهم إنى أصبحتُ أشهدك، وأشهد حملة عرشك، وملائكتك، وجميع خلقك: أنَّك أنت
الله لا إله إلا أنت، وأن محمدًا عبدك ورسولك، أعتق الله ربعَه من النار، ومَن
قالها مرتين أعتق الله نصفَه من النار، ومَن قالها ثلاثًا أعتق الله ثلاثة أرباعه
من النار، ومَن قالها أربعًا أعتقه الله تعالى من النار. والحديث حسن لا بأس به،
ويستحب أن تقولها أربع مرات فى الليل والنهار، فإذا مت من يومك كان هذا من أسباب
عتقك من النار، وهكذا فى الليلة، هذا من أسباب العتق من النار.
وعن ثوبان: أن رسول الله ﷺ قال: مَن قال حين يُمسى وإذا أصبح: رضيتُ
بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمدٍ رسولًا، كان حقًّا على الله أن يُرضيه.
ويقول ﷺ أيضاً: الباقيات
الصالحات: سبحان الله والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة
إلا بالله.
ويقول ﷺ: كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان فى الميزان، حبيبتان
إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم متفق على صحته.
فأنت يا عبد الله حسبك ذلك، اغتنم هذا الذكر، واسعى إلى هذا الخير العظيم أينما كنت.
دوام ذكر الله تبارك وتعالى يُسيِّر العبد وهو جالس إلى منازل المُقرَّبين، وإلى الغرف العالية، وإلى مرضاة الرب سبحانه وتعالى.
فالإنسان بذكر الله جل وعلا، والشوق إليه، ومحبة له، وتعظيم له، وإخلاص له؛ يرفعه الله به درجات، ويحط به خطيئات، أعظم من الرجل العامل الذى هو فى غفلةٍ، وفى إعراضٍ، فجسمه فى وادٍ، وقلبه فى واد، أو قد مُلئ بالرياء والسمعة والمنة بعمله، أو لغير هذا من الآفات.
فالمقصود أنه ينبغى للمؤمن أن يُكثر من ذكر الله بقلبه ولسانه، كما
يذكر الله بعمله من صلاةٍ وغيرها، ويكون حين الذكر فى إخلاصٍ وصدقٍ مع الله، ورغبة
وشوق إليه سبحانه وتعالى، لا رياء ولا سمعة.
فالإكثار من الذكر يرفع العبد إلى درجة المقرَّبين، وتحصل له المنازل العالية، مع الاستقامة على فعل الفرائض، وترك المحارم.
دوام ذكر الله تبارك وتعالى يُوجب الأمان من نسيان الله للعبد.
غفلة الإنسان عن ذكر الله سبحانه وتعالى يترتب عليها أن ينسيه الله نفسه ومصالحه، قال تعالى: وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ [الحشر:19]، وإذا نسى العبدُ نفسَه أعرض عن مصالحها ونسيها وانشغل عنها، فهلكت وفسدت ولا بد.
فذكر الله جل وعلا له شأن عظيم فى حياة القلب وصلاحه وعمارته بخوف
الله، ومراقبته، والقيام بحقه، والحذر من معاصيه، بخلاف الغافل: مَن غفل عن الله وعن
ذكره بشهواته وحظوظه العاجلة، اسود قلبه، وأظلم، وقسا، وأعرض عن الآخرة، وصار إلى
الهلاك.
فمن أسباب السعادة، ومن أسباب النجاة: دوام ذكر الله، وأن يكون على
بال المؤمن: تسبيحه، وتهليله، وتكبيره، ودعاؤه، وتذكر ما يجب على العبد من حقوقه،
والتفكر فى جزائه فى الآخرة، وعقابه، ونعيمه، وما أعدّ لأوليائه، وما أعدّ لأعدائه،
فهذه أسباب النَّجاة.
ولهذا قال جل وعلا: وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ
لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ [الزخرف:36]، وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ
رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا [الجن:17]، وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي
فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى
[طه:124]، فالعقوبات عظيمة، نسأل الله العافية.
إليكم فيديو يوضح المقصود بالقرين؟
وقال جل وعلا: وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ
فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ [الحشر:19] نسوه يعني: نسوا حقَّه وأعرضوا عن ذكره واتبعوا
الهوى والشَّهوات، فأنساهم الله أنفسهم يعنى: أنساهم الله أسباب نجاتها، وأسباب
سعادتها بشغلهم بعاجل أمرهم، ودنياهم، وشهواتهم، وهذه عقوبةً عاجلة يعاقبوا بها فى
الدنيا.
فالواجب على المؤمن أن يُفكر في هذا الأمر، وأن يجتهد فى دوام ذكر
ربه، والأنس به، والخوف منه، والخشية والمراقبة له: فى بيته، فى طريقه، فى مصنعه،
فى مركبه، فى كل مكانٍ، فيكون جسمه مع الناس وقلبه مع الله في كل وقتٍ، جسمه فى
الصنعة، فى العمل، فى البيع، فى الشراء، فى الحرث، فى غير هذا، ولكن قلبه مع ربه
بذكره، وتعظيمه، وأنسه به سبحانه وتعالى.
لذا فإن العامل بأسباب استقامته يُحييه الله حياةً طيبةً في الدنيا،
ثم يُجزَى في الآخرة جزاء حسنًا؛ لقوله جل وعلا: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ
أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً
وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [النحل:97]،
فيُجازى فى الدنيا بالحياة الطيبة التى فيها سعادة قلبه، واستقامته مع الله،
وأداؤه الحقوق، وأنسه بربه، وأنسه بإخوانه وأهله، ثم فى الآخرة له الجنة والمغفرة.
فجديرٌ بكل مؤمنٍ وبكل مؤمنةٍ أن يشتغل بذكر الله قولًا وعملًا،
بقلبه ولسانه، وألا يفتر عن ذلك، ويكون على باله حقّ الله عليه وما نهاه عنه، وما
يُحبه ويرضاه، وما يكرهه؛ حتى تكون أوقاته مشغولةً بما ينفعه عند الله جل وعلا،
وحتى يسلم من فوات أمره عليه، وضياع حياته بسبب تزيين الشيطان واتِّباع الهوى.
أفضل الذكر القرآن، لكن كل ذكرٍ له وقت، كوقت الأذكار في الصباح
والمساء، والقرآن له الوقت كله.
إليكم فيديو لأذكار الصباح
وفقاً الله وإياكم الى ما يحب ويرضى
جهد مشكور اخي وجزيت الجنة
ReplyDeleteاللهم أمين وجزيتم بالمثل ان شاء الله
ReplyDelete